العيد في الإسلام مرتبط دائما بالعبادة ، فعيد الفطر يأتي في أعقاب شهر رمضان المبارك وعيد الأضحى هو الآخر يأتي بعد عشر ذي الحجة ، ليرتكز في النفوس أن الفرحة الحقيقية التي تصاحب الأعياد هي الفرحة بطاعة الله ، قال تعالى : "قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون" ، قال أبو سعيد الخدري وابن عباس رضي الله عنهما: فضل الله القرآن، ورحمته الإسلام.
هذه هي الفرحة الحقيقية فبهذا الفضل الذي آتاه الله عباده ، وبهذه الرحمة التي أفاضها عليهم من الإيمان ، فبذلك وحده فليفرحوا ، فهذا هو الذي يستحق الفرح ، لا المال ولا أعراض هذه الحياة ، إن ذلك هو الفرح العلوي الذي يطلق النفس من عقال المطامع الأرضية والأعراض الزائلة .
فالفرحة في حس المسلم مرتبطة بطاعة الله تعالى والسعادة الحقيقية وثيقة الصلة بالأنس بالله وبتقوية الصلة بينه وبين الخالق سبحانه وهذا هو معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه". فهو بصومه وعبادته وطاعته لله يفرح، وبفطره واحتفاله بالعيد وترويحه عن نفسه يفرح، فهو في فرح دائم في الدنيا والآخرة ، وهي لذة وفرحة لا يعرفها إلا من جربها.
وقد جربها ابن حجر العسقلاني رحمه ، فقد خرج يوما بأبهته - وكان رئيس القضاة بمصر - فإذا برجل يهودي، في حالة رثة، فقال اليهودي: قف. فوقف ابن حجر. فقال له: كيف تفسر قول رسولكم: " الدنيا سجن المؤمن، وجنة الكافر " وها أنت تراني في حالة رثة وأنا كافر، وأنت في نعيم وأبهة مع أنك مؤمن؟!.
فقال ابن حجر: أنت مع تعاستك وبؤسك تعد في جنة، لما ينتظرك في الآخرة من عذاب أليم - إن مت كافرا -.
وأنا مع هذه الأبهة - إن أدخلني الله الجنة - فهذا النعيم الدنيوي يعد سجنا بالمقارنة مع النعيم الذي ينتظرني في الجنات.
فقال: أكذلك؟ قال: نعم. فقال: أشهد ألا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله".
إن العودة إلى التمسك بالإسلام والحرص على رضى الله سبحانه وتعالى هي الحياة الطيبة الهانئة بعيدا عن الأكدار والمنغصات ، قال تعالى : " من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون".